شناشيل بلس
أخر الأخبار

نعرات طائفية مع قرب الانتخابات البرلمانية العراقية

منذ أيام، ضج الشارع العراقي بحملات ووسومات طائفية تطالب بإزالة تمثال أبو جعفر المنصور في بغداد، ولم يمضي يومين على ذلك حتى بدأت دعوات جديدة ومماثلة لتلك الدعوات ومن نفس المصادر، لإزالة وتدمير مرقد الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، لتكون هذه الدعوات من اخطر الدعوات الطائفية التي من الممكن أن تؤدي إلى كارثة اجتماعية وحرب أهلية لا يحمد عقباها.

والأمر كان قد بدأ بمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، دعت هذه المنشورات إلى هدم مرقد أبي حنيفة النعمان، وهو أحد أئمة المذاهب الأربعة، إضافة إلى أنه أكثر أبرز الشخصيات الدينية تأثيراً في الدين الإسلامي، ولهذا استنكرت الأوساط الدينية الشيعية العراقية تلك الدعوات، كونها كتبت بلغة عربية سيئة وبنت خطابها على أساس طائفي، ولما لها أثر كبير في تدمير العراق وإثارة حرب ليس من صالح أحد ولن ينتصر بها أحد.

فمن الواضح أن من كتبوا تلك المنشورات هم من المتطرفون الشيعة، أما الغريب في الأمر أن لا أحد في الأوساط الدينية قد سمع عن هذه الدعوة بل أن تنتشر كالنار في الهشيم في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا أكبر دليل على أنها دعوات وهمية ومشبوهة تستهدف زيادة الاحتراب الاجتماعي خاصة وأن البلاد على مشارف انتخابات برلمانية، فضلاً عن أن المرقد موجود من مئات السنين ويقابله مرقد موسى بن جعفر الكاظم، ولم يشهد التاريخ حدوث أي مشكلة بين أتباع الإمامين.

إلا أن مثل هذه النعرات الطائفية في العراق، تحدث بين الفترة والأخرى، وقد تعرض ذلك المرقد في العام 2015 لهجمات بزجاجات حارقة، وأطلقت هتافات تستهدفه خلال فترة زيارة دينية شهدتها بغداد، كما أحرقت منشآت تابعة للوقف السني في المدينة بعد هجوم استهدف زائري موسى بن جعفر الكاظم، الذين كانوا يمرون من المنطقة، وشهدت المنطقة احترابا بعد حادثة شهيرة تعرف بحادثة جسر الأئمة، قتل فيها المئات من زوار الكاظم في أغسطس عام 2005، غرقا، بعد تدافع ارتبط بتحذير من وجود انتحاري على الجسر المزدحم جدا بالزائرين.

والسبب الرئيس في استهداف تلك المناطق، هو أنها لا تزال تحافظ على نسيجها الاجتماعي القديم رغم المشاكل الطائفية التي شهدتها بغداد، وقبل أسابيع، أثار تعليق صور مرشد الثورة الإيرانية، علي خامنئي، في الأعظمية غضبا شعبيا أدى إلى استجابة حكومية برفع الصور، ويبدو أن من علق الصور يريد الانتقام من رفض الشارع في الأعظمية لها.

وبما أن منطقة الأعظمية تعتبر من أهم المناطق بالنسبة لسكان بغداد من الطائفة السنية، حيث أن فيها بالإضافة إلى مرقد النعمان، مؤسسات تابعة للوقف السني العراقي، كما أنها من أهم مراكز بغداد التجارية وموقعها متميز قرب نهر دجلة، وذلك ما يفتح شهية الطامعين والفاسدين، الذين يعملون على سياسة التهجير الطائفي التي أكسبت المليشيات الطائفية ملايين الدولارات بعد استغلالهم منازل وعقارات المهجرين، وجعلت منهم لقمة سهلة.

والأغرب مما يحصل، هو وجود أطراف سنية قد تكون شريكة في هذه الجريمة وتساعد على الاحتراب الاجتماعي والطائفي، بغية الحصول على مكاسب سياسية، إذ أن هناك جهات سنية كانت قد دعت لنقل مرقد أبي حنيفة النعمان إلى الأنبار أو مدن سنية في صلاح الدين، بحجة حمايتها من التدمير والاعتداء، أما الهدف الخفي من وراء ذلك، فهو تسليط الضوء على أهمية إقامة إقليم سني بقيادة تلك الأحزاب والأطراف الفاسدة.

ورغم أن تلك الدعوات، بنقل المراقد الدينية غير ممكن عملياً ولا حتى دينياً، إلا أنه يهدف لإثارة المشاعر خاصة بعد الحملات الإعلامية الطائفية المتبادلة التي تتزامن مع قرب الانتخابات البرلمانية المبكرة.

اظهر المزيد

قد يعجبك ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى